عزيزي القارئ، هل اعتقدت يوماً أنّ ذكاءك الشديد هو سبب مشاكلك وعدم راحتك في الحياة؟ هل فكرت يوماً أنّه لا بدّ من وضع حد لهذا الذكاء أو إلغائه والتحول إلى النقيض؟
إذا ما كنت فكرت في هذين السؤالين، فإنّنا ندعوك لقراءة رواية "كيف أصبحتُ غبياً" للروائي الفرنسي "مارتن باج".
تتحدث هذه الرواية عن شاب يُدعى أنطون، جزم أنّ ذكاءه وعمق تفكيره في الأمور أوصلاه إلى التعاسة وغياب المتعة في الحياة، لذا لا بدّ من إلغاء سيناريو هذه الحياة القائم على عمق التفكير والذكاء المفرط والانتقال إلى سيناريو آخر نقيض. وفي سبيل هذا، قرر أن يصبح سكّيراً واتخذ عرّاباً خاصاً لذلك، لكنه فشل وأُسعف إلى المشفى، إذ لم يحتمل جرعة الكحول الزائدة. وفي المشفى التقى بشخص أُسعف بعد محاولة انتحار فاشلة. وهنا، خطرت الفكرة على باله، لا بدّ من الانتحار، لكن أولاً يجب الالتحاق بمدرسة لتعليم الانتحار. وبالفعل التحق أنطون بهذه المدرسة، لكنه فكر: هو لا يريد إنهاء حياته، بل يرغب بأن يخفف من حدة تفكيره وذكائه، لذا كان هذا الخيار خاطئاً.
وبعد هذه التجاذبات والمحاولات، قرر أنطون أن ينغمس في الحياة المادية، ليصبح شخصاً استهلاكياً من الطراز الرفيع، مستعيناً بصديق له يعيش هذا النمط من الحياة، فنرى أنطون شخصاً مادياً مسرفاً، قد ألغى قيمه ومثالياته التي عاش عليها خلال حياته.
أيّها القارئ العزيز، سترى في ختام الرواية نهاية أنطون، فهل سيجد الراحة في الغباء الذي وصل إليه؟وهل سيندم، ويعود إلى حياته السابقة؟أم هل سيجد منطقة رمادية مواربة، فيعيش في ذكائه مستمتعاً في حياته؟
كلنا سنجد شيئاً منا في هذه الرواية. ليس بالضرورة التعاسة الناجمة عن الذكاء، بل أيضاً إمكانية خلق توازن خاص بنا، نحافظ من خلاله على عالمنا الداخلي، ونبقى كذلك على اتصال مع الآخر المختلف في السلوكيات وآليات التفكير.
كتابة: نور عباس