كتاب: "فن ومهارات الإدارة؛ دليل المدير الذكي"لإيهاب محمد كمال

كتاب: "فن ومهارات الإدارة؛ دليل المدير الذكي"لإيهاب محمد كمال

مقدمة: إنّ الإدارة العامة هي الركيزة الأساسية للدولة، فرسم السياسة العامة بدقة ليس كافياً، بل لا بدّ من وجود جهاز تنفيذي فعّال، يعتمد على أساليب إدارية حديثة، تضمن تقديم الخدمات العامة في أقصر وقت وأقل تكلفة، ومن هنا كانت أهمية الإدارة وجهازها، فهي حاضرة على مختلف المستويات في الوجود الإنساني، بل لا يمكن تجاهلها في أي قطاع من القطاعات، انطلاقاً من ذلك سنوجز لكم أبرز ما ورد من مفاهيم وأفكار في كتاب: فن ومهارات الإدارة؛ دليل المدير الذكي" لإيهاب محمد كمال.

في مفهوم الإدارة وعلاقتها بالعلوم الأخرى:

إنّ الإدارة هي عملية تجميع عوامل الإنتاج المختلفة من رأس مال، وقوى عاملة، وموارد طبيعية والتأليف بينها من أجل استغلالها بفعالية للوصول إلى الأهداف. وقد عُرفت, أيضاً, بأنّها نشاط متميز يهدف إلى تحقيق نتائج محددة، من خلال استغلال الموارد المتاحة بأعلى درجة من الكفاية الممكنة. ويُعتبر العامل الإنساني من العوامل المهمّة التي تركز عليها الإدارة، لذلك عُرفت بأنّها: توجيه نشاط مجموعة من الأشخاص نحو هدف محدد، وتنظيم جهودهم وتنسيقها.

 ولا يمكن أن نتجادل في أهمية الإدارة عند ممارسة أي نشاط إنساني، فالإدارة نشاط إنساني، يضاف إلى باقي الأنشطة الأخرى، بل لا غنى للإنسان عن عملية الإدارة، ولا سيّما في مرحلتي التخطيط والتنفيذ.

وهناك مصطلح قريب من مصطلح الإدارة, ألا وهو العملية الإدارية، والمقصود به مجموع النشاطات التي يقوم بها الإداري من أجل تحقيق هدف محدد.وقد تطورت الإدارة نتيجة الجهود والتجارب المتراكمة حتى أصبحت علماً مستقلاً بذاته.

وترتبط الإدارة بالعلوم الأخرى، ولا سيما علم النفس، وعلم الاجتماع، وعلم الاقتصاد؛ إذ يركز علم النفس على الاهتمام بالعنصر الإنساني من خلال سيكولوجيته، وسلوكه، وانفعالاته، وردود أفعاله، ونتائج علم النفس يمكن أن يستفيد منها الإداري, ولاسيما في أثناء تعامله مع فريق العمل، فيركز على الجانب النفسي في حل الصراعات وعقد التحالفات، أما علم الاجتماع فيهتم بدراسة المجتمع، وبيان الأسس التي يقوم عليها، وهذا يفيد الإدارة في معرفة خصوصية السياق الاجتماعي العمومي الموجودة فيه الشركة، في حين أنّ كلاً من الاقتصاد والإدارة لهما موضوع واحد ألا وهو السياق الاقتصادي.

الإدارة في العصور القديمة:

الإدارة جزء من النشاط الإنساني، موجودة منذ القدم، ففي الحضارة الصينية القديمة حظيت الإدارة باهتمام كبير، وقد اعتمدت الإدارة الصينية على مبادئ: التخطيط، والتوجيه، والتخصص، والاختيار، كما عرفت الإدارة الصينية نظام استخدام المستشارين ابتداء من ياو 235 ق. م، كما رأى كونفوشيوس أنّ على القائد عند معالجة أي مشكلة أن يضع باعتباره آراء تابعيه، وأن يتيح لهم الفرصة للتعبير عن موقفهم.

وفي الحضارة المصرية عرفت القيادة الإدارية شكلاً من التنظيم المركزي، بل إذا تأملنا منجزات المصريين الفراعنة سنرى أنّ الأهرامات أكبر شاهد على اهتمامهم الإداري ونجاحهم فيه.

أما الرومان فقد استطاعوا بموهبتهم الإدارية الرفيعة السيطرة على عدد كبير من الشعوب، يفوق تعدادهم الخمسين مليون نسمة، في حين أنّ العرب، وخاصة مع ظهور الرسالة المحمدية، فقد أوجدوا العديد من القواعد الإدارية، مثل: مبدأ الشورى، والتخصص بالعمل، واختيار القادة على أساس الكفاءة، والتركيز على التدريب.

الوظائف الخمس للإدارة:

هناك خمس وظائف مركزية للإدارة، منها التخطيط، وهذه الوظيفة الإدارية تهتم بتوقع المستقبل، وتحديد أفضل السبل للإنجاز. والتوظيف: الذي يهتم باختيار العاملين وتدريبهم، ووضع الشخص المناسب في المكان المناسب، والتوجيه: أي تحفيز العاملين وإرشادهم إلى الأهداف العظيمة. وتأتي أخيراً الرقابة، والتي تعني مراقبة أداء المنظمة, وتحديد إذا ما كانت قد حققت أهدافها أم لا.

أساليب الإدارة:

للإدارة أساليب عدة؛ فهناك الإدارة بالأفكار:وهو أسلوب إداري جديد لإنجاز الأعمال، ولهذا الأسلوب فوائد كبيرة، منها رفع نسبة الإنجاز، واستغلال الوقت، وإحداث تفاعل إيجابي مع الآخرين.وأيضاً، هناك الإدارة من موقع الحدث: وصاحب هذا الأسلوب جمبا كايزن، ويذهب كايزن إلى أنّ المدراء لا يعرفون شيئاً عن العمل، فهم وراء مكاتبهم يتعاملون مع عملهم من خلال الأوراق فحسب، أي هم غرباء عن العمل، وإن أرادوا إنتاجية أكثر وجودة أكبر فعليهم النزول إلى موقع العمل والإشراف المباشر عليه.ومن الأساليب الإدارية كذلك الإدارة الاسترتيجية:وهي الإدارة التي تطمح إلى تحقيق أهداف كبرى، ذات أثر بالغ في السياق القائم.وهناك كذلك إدارة الضغوط:فضغوط العمل اليومي كثيرة، ففي عالم مليء بالتحول والديناميكية لا بدّ من أن تزيد الضغوط باستمرار، فتصحبك في مختلف الأزمنة والأمكنة، ولا غرابة في أن يكون العمل مصدراً رئيسا مولّداً للضغط، فضغط العمل ظاهرة تلازم الغالبية،  وضغوط العمل تنتج عن تعدد الأدوار وتضاربها، وعدم ملائمة مكان العمل، وتأتي, أيضاً, من خلال الصراع على الحوافز، كما تتبلور من خلال سوء الاتصال، وساعات العمل الطويلة، وهنالك نتائج لهذا الضغط منها: الغضب، والقلق، والأرق، والإحباط، والتوتر، وإدارة الضغوط تعني العمل على تخفيف هذه الضغوط التي تحيط بالعامل ليصل إلى درجة جيد من الإنتاجية.ومن هذه الأساليب إدارة المدير الموظف:إذ يحتاج المدير إلى موظف لتحقيق أفكاره، والموظف يحتاج إلى إدارة وتوجيه، ولكن إذا لم تكن العلاقة مثالية بين المدير والموظف فهذا سيؤدي إلى نتائج كارثية وسياق عمل لا إنساني.وهناك أنواع عدة من المدراء منهم المدير المبتدئ الذي يكون العامل أقوى منه في فهم العمل، وهناك المدير المحارب الذي يعامل الآخر بازدراء، وهناك المدير المخلص الذي يعمل على تأسيس صداقة مع الموظف، ولتحقيق إدارة سليمة لا بد من القضاء على مجمل الإشكاليات السلبية بين المدير والموظف.ويمكننا أن نضيف إلى هذه الأساليب الإدارية إدارة الأزمات:إذقد تتعرض مؤسسة ما إلى خسارة كبيرة، هذه الخسارة ستثير انتباه المؤسسات الأخرى في الحقل ذاته الذي تعمل فيه المؤسسة، وسيتخذون تدابير لعدم الوقوع في الخسارة نفسها التي وقعت فيها الشركة، هذا يعني أنهم يتحسسون احتمالية انتقالهم إلى سياق خاسر، فيعملون على تجاوزه قبل الوقوع فيه، ولعل الخطوة الأولى لمواجهة خسارة محتملة هي التدريب، أي التدريب على كيفية التعامل في حال وقوع خسارة، كما لا بدّ من التخطيط، وهو تخطيط مزدوج؛ تخطيط لعدم الوقوع في الفشل والخسارة، وتخطيط لآليات تجاوزه في حال حدوثه، أضف إلى ذلك لا بد من التدرب الإعلامي، إذ يتدرب متحدثو الشركة في وسائل الإعلام  تدريباً خاصاً لآلية التعامل في حال خسارة الشركة.وسنذكر أيضاً في هذا السياق الإدارة الفائقة:أو ما تُعرف بإدارة الدقيقة الواحدة، وتعتمد هذه الإدارة على السرعة في الإنجاز، فالوقت ليس مفتوحا أمام أحد، فلا يجوز إضاعة الوقت، بل لا بد من استغلال كلّ ثانية، وتذهب هذه الإدارة, أيضاً, إلى أنه لا ينبغي إضاعة الوقت في الكلام، فبدلاً من الكلام اعمل وأنجز، فالعمل يتمطط ليملأ الوقت المُتاح له، لذلك حدد وقتاً قصيراً، وأنجز عملك.أماالإدارة الإلكترونية:فتتميز بأنّها إدارة دون أوراق، كما لا تعتمد على المكان، ولا الزمن، فهي تعمل خلال الأربع وعشرين ساعة، أضف إلى ذلك أنّها إدارة دون تنظيمات جامدة، وهي قادرة, أيضاً, على استيعاب أكبر قدر من العملاء، ملغية العلاقة التواصلية الفيزيائية المباشرة، وتجدر الإشارة إلى أنّه لا مكان للبيروقراطية في ظل هذه الإدارة.

أنماط المدراء:

تتعدد أنماط المدراء؛ إذ لا يوجد نمط واحد ومحدد, ومن هذه الأنماط:

المدير الحازم بلا قسوة

إنّ الإدارة الحازمة لا تتعلق بمعاملة المرؤوسين معاملة فظة، على العكس من ذلك يجب على المدراء الخروج من قوقعتهم ليركزوا على أوضاع العمال، ويفهمونهم، ويتعاطفون معهم، ويدركون دوافعهم، أي يجب فهم أوضاع المرؤوسين وأخذها بعين الاعتبار، كما لا بدّ من التقدير، والتأكيد على أن الأمر لا يتعلق بعدد ساعات العمل اليومية، وإنما بإتقان العمل.

المدير القائد:

ليس كلّ مدير قائد, ولكن يمكن معرفة المدير القائد من علامات, مثل: الثبات في الأسلوب، والتقرّب من العاملين،  والتحدث بعفوية، ووسع صدره، وقدرته على القيام بالمهام، وتوزيعه العمل على الموظفين بإتقان.

المدير المؤثر:

هو الذي لدية إمكانيات تواصلية كبيرة، كما يستطيع رؤية الأمور من وجهة نظر الآخرين، ويتميز هذا المدير بأنّه متيقظ لكلّ تقصير، وقادر على استدراك المواقف، كما يحرص كلّ الحرص على بناء النظم الإدارية ليسهل تطبيقها، ويتبصر الأخطاء ويتحسب لها عند كل تقصير، وينجز ما قرره ويطور باستمرار.

الشذوذ الإداري:

أي حالة الانفراد بالسلطة، وعدم تفويض أي جزء من المهام للآخرين، على الرغّم من توفر العديد من الكفاءات.ويعود الشذوذ الإداري إلى اعتقاد المدير بقدرته الخارقة، إذ يتوهم أنه يستطيع إنجاز العمل بنفسه، بطريقة أفضل من أي شخص آخر، فهو لا يثقبقدرات الآخرين.

سلوكيات المدير الناجح:

 

هنالك سلوكيات عدّة توضح لنا إذا ما كان هذا المدير ناجحاً أم لا, فالمدير الناجح يبدأ مشروعه مباشرة ولا يؤجله, ويتواصل دائماً مع الآخرين, ويحافظ على توازنه, ويهتم بعماله وموظفيه, وهو يعتبر نفسه جزءاً من الكلّ, ولا يعتبر نفسه أفضل من الموظفين, فيتعالى عليهم.

المدير واتخاذ القرارات والتحفيز:

اتخاذ القرارات:

من الأمور الأساسية في الإدارة اتخاذ القرار، بل اتخاذ القرار هو الوظيفة الجوهرية والمركزية للمدير، ونجاحه يتحدد بمقدار نجاحه باتخاذ القرارات، فاتخاذ القرار هو العملية المحورية في الإدارة، فعندما نخطط نتخذ القرارات، وكذلك عندما نضع الخطة، وعندما نختار الموظفين، وفي أثناء توزيع العمل والتكاليف، فالعملية الإدارية هي عملية قرارات قائمة ومستمرة.

ولاتخاذ القرار لا بدّ من المرور بمراحل، إذ علينا, أولاً, أن نحدد المشكلة، ونعي السبب الذي خلقها، ودرجة خطورتها، والوقت اللازم للتصدي لها، كما لا بدّ من جمع مختلف البيانات والمعلومات حولها، وذلك للوصول إلى مؤشرات تساعد على الوصول إلى قرار، ومن ثم لا بدّ من اختيار بديل من بدائل عدّة للحل، وذلك بناء على المعطيات والنقاش، وبعد ذلك ينبغي متابعة البديل المختار والتأكد من كفاءته.

التحفيز:

هو أن تجعل شخصاً متحمساً لأداء شيء ما، فكلّ عمل نقوم به لا بدّ من وجود حافز ودافع يشجعنا ويدفعنا لتنفيذه، ولا بدّ للإدارة من أن تركز على موضوع الحافز، وتعيه جيداً, وهذا الحافز قد يكون حافزاً نفسياً، أو اجتماعياً، أو اقتصادياً.

وقد يتبادر إلى الذهن عند ذكر الحافز موضوع المال مباشرة، غير أنّ المال، على أهميته لا يشكل الحافز الأول للإنسان، إذ هنالك حافز إثبات الذات أيضاً، أو حافز الاحترام, وما إلى ذلك من حوافز.

ونظام الحوافز ضروري لأي شركة، من أجل تحميس الموظفين, ودفعهم إلى المزيد من العمل، ما يرفع إنتاجية الشركة,ونظام الحوافز قد يدفع الموظفين, أيضاً, للمنافسة الإيجابية, بل يستقطب عدد كبيراً من الموظفين المحترفين في مجالهم, فتغتني الشركة بشرياً.

ويُعطى الموظف حافزاً سواء أكان هذا الحافز مادياً أم معنوياً عند إتقانه العمل، أو حين قيامه بتسليم العمل المطلوب ضمن الوقت المحدد,أو عند تميزه بالأداء, أو نظراً لأقدميته في العمل ضمن الشركة.

إدارة الاجتماعات:

إنّ الاجتماعات يمكن أن تكون نقمة تكلّف مؤسستك الكثير, ويمكن كذلك أن تكون نعمة, ومعظم الاجتمعات تنتهي إلى الفشل, ولذا لا بدّ من الإعداد الجيد للاجتماع, وتحديد الغرض الحقيقي من عقده, كما لا بدّ من اختيار المكان والزمان المناسبين, واحذر أن تدعو شخصاً للاجتماع ليس معنياً به, كما لا تجعل الاجتماع جلسة تأنيب وتوبيخ, ولا تجعله كذلك جلسة لقراءة القرارات.

الأخطاء الإدارية:

هناك مجموعة من الأخطاء الإدارية التي قد نقع فيها، ولعل أبرزها؛ الظن بأنّ شخصاً واحداً قادر على القيام بكلّ شيء، واتباع أسلوب الأمر والنهي، فهما أسلوبان قد ثبت فشلهما المطلق، ولا بدّ من الإشارة إلى أن وضع الرجل المناسب في المكان المناسب دليل على صحة الإدارة، فإذا رأيت متخصصاً في الكيمياء الحيوية يعمل مسؤولاً للعلاقات العامة فاعلم أنّ الإدارة فاشلة، وإذا سمعت عبارة: "المدير في المكتب" فاعلم أيضاً أنّ هناك إدارة فاشلة، فالمدير مكانه في سياق العمل يراقب ويتابع، كما من الأخطاء الإدارية سياسة تخويف العاملين، إذ أنّ هذه السياسة قد تُحدث تراجعاً في الإنتاجية، أضف إلى ذلك أنّ هناك أسلوباً آخر يثبت أنّ الإدارة الفاشلة، وهو معاملة الموظفين معاملة الأطفال، تعطيهم عند الإنجاز، وتعاقبهم عند الخطأ، بدلا من ذلك ابحث عن سبب الخطأ، واعمل على وضع الخطط بالمشاركة لتلافيه مستقبلاً.

وفي هذا السياق لا بد من تنبيه المدير إلى أمور مهمة: إذا حدثت مشكلة في مكان العمل فانزل إلى مكان المشكلة، هذا النزول سيحل المشكلة بنسبة خمسين بالمئة، فالمدير الناجح بيده مفاتيح الحسم كلّها، ولا ينبغي أن يغيب عن مكان الحدث، ولا تعتمد على التقارير وحدها لاتخاذ قرار ما، فالتقارير متحيزة غالباً، وإذا اتخذت قرار على بنائها فإنّك تتخذ قراراً من وجهة نظر أحد آخر، وفي النهاية تذكر أن تخطط لعملك دائماً؛ أي خطط، وطبق، وراجع، وطور.

 

خاتمة:ومن هنا, لا يمكن تجاهل أهمية الإدارة عند ممارسة أي نشاط إنساني, فالإدراة وظيفة ونشاط إنساني, يُضاف إلى باقي الأنشطة خلال مسيرة الحياة, بل إنّ تفعيل هذا النشاط في الحياة اليوميّة, وجعله جزءاً من هويتنا سيفضي إلى النهوض بمستوانا الفردي المشكّل جزءاً من مستوى سياقنا الاشتغالي الوظيفي, والذي هو جزء من السياق الكليّ, أي الدولة.

كتابة: نور عباس

العودة للمدونة

أترك تعليق