آغاثا كريستي… سيدة الغموض التي خدعت العالم بابتسامة

في عالم الأدب، قلة هم من استطاعوا أن ينسجوا شبكات من الحيرة، ويزرعوا في القارئ فضولًا لا يُروى، كما فعلت آغاثا كريستي. هي ليست فقط واحدة من أكثر الكاتبات مبيعًا في التاريخ، بل هي عبقرية سردت الجريمة بأسلوب يجعل من كل صفحة خيطًا في متاهة ذهنية لا تعرف الملل.

الطفولة التي أنجبت كاتبة غموض

وُلدت آغاثا في إنجلترا عام 1890، في بيئة هادئة تحيط بها الطبيعة والخيال، وكانت القراءة هي صديقتها الأولى. ورغم أن بداياتها كانت متعثرة في النشر، إلا أن إصرارها وفضولها الفطري لفهم النفس البشرية، جعلاها تحترف الكتابة بأسلوب خاص يمزج بين الدقة والدهاء والإنسانية.

بوارو ومس ماربل... أبطال لا يُنسون

لم تخلق آغاثا كريستي فقط قصصًا، بل أوجدت شخصيات حيّة تُجالسنا في خيالنا إلى اليوم. "هيركول بوارو"، المحقق البلجيكي ذو العقلية التحليلية والشارب الشهير، و"مس ماربل"، السيدة الهادئة التي ترى ما لا يراه أحد، أصبحا رمزين في أدب الجريمة، وطُبعت بصماتهما على القلوب قبل الصفحات.

لماذا نحب آغاثا كريستي؟

لأنها لم تكن تكتب عن الجريمة فقط، بل كانت تحكي عن البشر. عن الغيرة، الطمع، الحب، والخيانة. كانت تضعنا في قلب الحدث، دون عنفٍ مفرط أو إثارة مبتذلة. تجعلنا نشك في كل شخص، ونكاد نقسم أننا عرفنا القاتل… حتى تأتي النهاية الصادمة، وتتركنا مدهوشين، نعيد التفكير بكل ما قرأناه.

إرث لا يُنسى

أكثر من 2 مليار نسخة من كتبها بيعت حول العالم. تُرجمت إلى أكثر من 100 لغة، وتحولت العديد من أعمالها إلى أفلام ومسلسلات ومسرحيات، أبرزها "جريمة في قطار الشرق السريع" و"ثم لم يبقَ منهم أحد". لكنها، رغم شهرتها العالمية، بقيت شخصية متواضعة، تفضل العزلة والكتابة على الأضواء.

النهاية التي لا تزال غامضة

حتى حياتها الشخصية لم تخلُ من الغموض، ففي عام 1926 اختفت آغاثا لمدة 11 يومًا دون تفسير، ثم عادت وكأن شيئًا لم يكن. حتى اليوم، لا أحد يعرف حقيقة ما جرى… وكأنها قررت أن تكتب سيناريو حياتها كإحدى رواياتها.

آغاثا كريستي ليست مجرد كاتبة جريمة، بل هي مهندسة حبكات، وبصمتها ستظل حيّة في قلوب كل من أحب أن يقرأ… ويُفكّر.