رضوى عاشور أستاذة في التنكر أم شخصية مركبة الخلق تجتمع فيها النقائض والأضداد؟
"لا وحشة عند قبر مريمة مثلاً يضرب في النساء اللاتي تركن أثراً لا ينمحي"
ترى هل عرفت رضوى أنها تكتب نفسها في هذه الجملة التي اختتمت بها رواية " ثلاثية غرناطة" فاليوم وغداً لا يمكن لأحدٍ أن يمحو أثر رضوى الخالد في تاريخ النضال الأدبي.
ولدت رضوى عاشور في القاهرة عام 1946، وبعد دراستها للأدب الإنجليزي وحصولها على الماجستير في الأدب المقارن، سافرت إلى الولايات المتحدة لتنال الدكتوراه في الأدب الأفريقي، ليكون أول إعلان عن انحيازها لقضايا التحرر الوطني. وهو الطريق الذي سارت فيه عندما نشرت أول أعمالها النقدية بعنوان "الطريق إلى الخيمة الأخرى" وهي دراسة نقدية عن أعمال الروائي الفلسطيني غسان كنفاني، أعلنت من خلالها التزامها بالقضية الفلسطينية، وهذا ما رافقها حتى النهاية.
كانت رضوى تكتب الشعر في صباها، أو هكذا توهمت، حتى صادفت على سلم المكتبة المركزية في جامعة القاهرة شاباً يلقي على أصدقائه إحدى قصائده ,هذا الشاعر كان مريد البرغوثي الذي بعدما سمعت قصيدته لم تترك له الشعر فقط بل تركت له قلبها, فصار هو رفيق رحلتها. "غريب أن أبقى محتفظة بالنظرة نفسها إلى شخص ما طوال 30 عاما، أن يمضي الزمن وتمر الأعوام وتتبدل المشاهد وتبقى صورته كما قرت في نفسي في لقاءاتنا الأولى".
تميز الإنتاج الأدبي للدكتورة "رضوى" بالعلاقة التي نسجتها مع أجيالٍ جديدة، بعضهم بدأ القراءة ربما بعد رحيلها، لكنها مازالت تتصدر بعددٍ من أعمالها قائمة تفضيلاتهم وقوائم الأكثر مبيعاً, تعتبر "ثلاثية غرناطة" التي حازت بفضلها على جائزة أفضل كتاب لسنة 1994 على هامش معرض القاهرة الدولي للكتاب, حيث كتبت فيها قصة سقوط الأندلس عبر ثلاثة أجيال لعائلة عاصرت هذه الفترة التي لا نعرف عنها سوى صراع الملوك, وبذلك حجزت رضوى عاشور مكانها بين كتّاب الرواية التاريخية..
ومن أشهر أعمالها أيضاً "الطنطورية" التي سطرت من خلالها التغريبة الفلسطينية على أوراق التاريخ, إضافة إلى العديد من الترجمات والروايات الإبداعية التي لا تنسى:
فرج
أطياف
قطعة من أوروبا
حجر دافئ
أثقل من رضوى (سيرة ذاتية)
في يوم الأحد الواقع فيه 30 تشرين الثاني/نوفمبر من العام 2014، رحلت الأديبة المصرية رضوى عاشور, كان يوماً كئيباً، مشى فيه الشاعر مريد البرغوثي منكسراً لموت حبيبته، مستنداً إلى ذراع ابنه تميم، وقد كتب في اليوم نفسه، عبر صفحته في "فيسبوك"، آخر جملة كتبتها في "ثلاثية غرناطة"، وهي "لا وحشةَ في قبر مريمة"، بعدما بدّلَ الاسم فجعلها: "لا وحشة في قبر رضوى"..
كتابة: سوزان غنّام